بدأت بكرة القدم، إلى أن حركها الشغف نحو كرة اليد، لتصبح الأفضل فى لعبة كرة اليد فى أفريقيا وأوروبا… ومن مدرجات التالتة شمال إلى العاصمة الفرنسية باريس، وفى رحلة بدأت منذ خمسة عشر عامًا تقريبًا، بدأت مروة عيد عبدالملك مسيرتها الناجحة كونها أول محترفة مصرية فى كرة اليد.
تقول مروة عيد فى حوارها لـ«المصرى اليوم» عن بدايتها: بدأت لعب كرة اليد فى مركز شباب زينهم وعُمرى ٧ سنوات، ثم انتقلت لناشئى النادى الأهلى، مررت بكل مراحل الناشئين فى القلعة الحمراء، ومن ثم لعبت للفريق الأول.
شاركت فى بطولة أفريقيا للأندية وعُمرى عشرون عامًا، واستطعت أيضًا الانضمام لمنتخب مصر وكان وقتها عُمرى ١٧ سنة، كنت هدافة أفريقيا فى ٢٠٠٤.
حلمت بالاحتراف منذ صغرى، وفى ٢٠٠٥ ذهبت إلى ألمانيا لإجراء اختبار فى أحد الأندية، لكنى لم أستطع تحمل فكرة الغربة، وكان عمرى وقتها ١٨ عامًا.
فى ٢٠١٠ شاركت فى بطولة أمم أفريقيا، لكن بعد محاولات عديدة فى كرة اليد، وبطولات فردية، ومساهمة مع الفرق والمنتخب، فقدت الشغف والقدرة على العيش دون صخب جماهيرى، لذلك اتجهت لكرة القدم. تضيف مروة عيد قائلة: منذ صغرى أفكر فى الاحتراف، وفى جلسة ذات مرة مع أصدقائى مى عادل ومروة شوقى، قاموا بعمل سيرة ذاتية خاصة لى، وبدأنا عرضها على عدة أندية، إلى أن تواصل معى مسؤولون من نادى أونيس لاروشال الفرنسى، وقتها طلب النادى شرائى بشكل نهائى من الأهلى.
أتذكر جيدًا موقف إدارة الأهلى معى، وتحديدًا كابتن محمود الخطيب، الذى كان يشغل منصب نائب رئيس النادى وقتها، فقد ساعدونى على الخروج، رغم رغبتهم فى البداية بخروجى عن طريق الإعارة، لكن عندما صمم النادى الفرنسى على الشراء بشكل نهائى، وافق الأهلى على الفور دعمًا لى. حصلت على لقب هدافة الفريق، وبعد رحلة استمرت ٥ مواسم، انتقلت لنادى نيس فى الدرجة الأولى، وكان هذا هدفى من البداية، وخلال رحلتى مع نيس، حققت العديد من الألقاب الفردية، منها حصولى على لقب أفضل لاعبة وأفضل هدافة فى ٢٠٢٢.
– من صغرى بحب الأهلى، ومن عيلة أهلاوية صميمة، والموضوع تخطى مسألة الحب ووصل للعشق، والحضور لكل المباريات فى الاستاد، والحماس، والحزن، وغيره وغيره.
– طبعًا، نفسى أختم مسيرتى فى الأهلى وبتمنى الاعتزال فيه، ولو النادى كلمنى هرجع فورًا، بس لحد اللحظة دى محدش كلمنى، عشان كده أعتقد النادى مش محتاجنى.
– الأمر فى البداية كان صعبًا، أتذكر اللحظة التى قمت فيها بغلق باب المنزل علىّ بمفردى، كان شعورًا سيئًا، لكنها دروب الحياة، ووقتها لم يكن لدى شىء سوى التأقلم والنظر لغدٍ، ولكن شعرت بطبطبة إلهية عندما تعرفت على عيلة تونسية، أصبحوا فى أيام معدودة أهلى الذين تركتهم فى القاهرة. خمس سنوات وأكثر وأنا مستقرة معهم فى منزلهم بشكل يومى، النوم، والأكل، والشراب، وكل ما شابه أقوم به معهم، ووقتها فقدت وحشة الغربة ولم أشعر بها، وإلى الآن لم تزل علاقتنا وطيدة ومستمرة.
– البداية لم تكن أفضل شىء، كنت متوترة نظرًا لكثرة النجوم فى الفريق، لعبت فى البداية مع نجوم المنتخب الفرنسى الأول، وكنت غير مستوعبة النقلة الغريبة، لهذا فإن الموسم الأول لم يكن الأفضل، لكن بعدها تبدلت الأمور كثيرًا وشعرت بالاستقرار.
– واجهت الكثير، ولكن كان لدى هدف محدد أسعى إليه بخطى ثابتة وعينين مفتوحتين، وقعت فى أزمات ومشاكل كثيرة مع لاعبين ومدربين، لكن بمجرد دخولى فى المباريات أنسى كل ما حدث، لأننى أكون فى مهمة عمل وعلىّ تقديم كل ما لدى.
– اللغة، استغرق الأمر منى خمس سنوات إلى أن أتقنت اللغة الفرنسية، كنت أحتاج إلى مساعدة زملائى فى الفريق لفهم بعض الأمور، وكان هناك فتيات يساعدننى على تعلم بعض الجُمل، وأنصح كل الراغبين فى تجربة الاحتراف بتعلم وتقوية مهارة اللغة.
– الدورى هنا فى فرنسا محسوم مثلما يحدث عندنا فى مصر أو فى معظم الدوريات، بمعنى أنه يقتصر على فريقين، لكن من أبرز إنجازاتى مع نيس حصولنا على وصافة الدورى فى عام ٢٠١٩، وهذا من أبرز إنجازات النادى منذ تأسيسه، كما حصلت على عدة ألقاب فردية، منها أفضل هدافة فى الموسم الماضى.
– فى البداية علمت بخبر انتقال منعم لنيس، سعدت كثيرًا كونه واحدًا من أفضل المدافعين المصريين على مرّ التاريخ، ووقتها كان لدى صديق وأبلغته بتواصل عبدالمنعم معى إذا احتاج لأى شيء هنا فى فرنسا، ونسيت الأمر، وبعد عدة أيام فوجئت بطلب النادى لى بتقديم محمد عبدالمنعم فى المؤتمر الصحفى الخاص بتقديمه. وقتها شعرت بالقلق والخوف، لكن قلت: لما لا؟ إذا كان بإمكانى المساعدة، سأفعل ذلك، وبالفعل كانت لحظة استثنائية ومميزة. ومن هذا الوقت بدأت صداقتنا معًا، نخرج كثيرًا ونتناول العشاء أو الغداء أحيانًا، ربحت أخًا وصديقًا جديدًا. منعم فى الطبع شخص متدين إلى أقصى درجة ممكنة، لديه قلب نقى، ولديه شهامة وجرأة كبيرة.
– الحقيقة أن هذا أمر طبيعى لأى محترف، ليس منعم فقط، لكن محمد عبدالمنعم مرّ بظروف مرضية صعبة فى البداية، واستمرت حوالى شهر كامل، لذلك كانت حالته النفسية سيئة للغاية. لكن الجميل أيضًا أن منعم كان لديه فى الفريق لاعبين عرب، توانسة وجزائريين، مما ساعده على تكوين علاقات بشكل أسرع.
– الجميع هنا يعرف محمد صلاح، الذى حقق إنجازات كبيرة فى أوروبا، بالإضافة لعمر مرموش المتألق حاليًا فى البريميرليج، وفوجئت من خلال حديثى مع مسؤول بالنادى أنهم كانوا يتابعون منتخب مصر ومحمد عبدالمنعم بالتحديد منذ فترة كبيرة قبل انضمامه. هنا أيضًا مصطفى محمد، المصرى المتألق مع فريق نانت.
– لم يسبق وتواصلت معه.
■ شعبية نادى نيس فى مصر ارتفعت بعد ضم عبدالمنعم، فهل شعر المسؤولون بذلك؟
– نعم، السوشيال ميديا زادت أضعافًا فى المتابعة ونسبة المشاهدات، لكن على أى حال هم يعرفون جيدًا أنه قادم من نادٍ جماهيرى عريق، هو الأكثر شعبية فى أفريقيا والشرق الأوسط، النادى الأهلى.
أتمنى انتقال زيزو للأهلى، لأنه سيكون إضافة كبيرة، وكذلك انضمام بن شرقى، لاعب كان يحتاجه الأهلى منذ سنوات، لكن تبقى صفقة إمام عاشور هى الأفضل. لا أعرف كيف استطاعت إدارة نادى الزمالك التفريط فى لاعب بهذه الإمكانيات، هى صفقة بالنسبة لى خيالية وغير مكررة.
– أحافظ على نظامى الغذائى، وأتناول فقط طعامًا صحيًا، وبالمناسبة هذا أمر بديهى جدًا، الحفاظ على الوزن شيء مهم وضرورى للاعب الكرة.
– عائلتى هى الداعم الأول لى، والحديث عنهم لا يكفى، هم السبب الأول لوصولى هنا.
مؤخرًا هناك تطور كبير جدًا وملحوظ، ولا يوجد فارق بين الولد والبنت فى الرياضة. ووقت انضمامى لبطولة أفريقيا السابقة تعاملت مع فتيات صغيرات فى السن ولديهن موهبة كبيرة جدًا، منهن من تستحق الاحتراف. لكن أكرر نصيحتى المستمرة: اللغة عامل مهم وقوى جدًا، ومن يرغب فى الاحتراف عليه أن يتعلم ويتقن اللغة، ثم ينتظر الفرصة، وأعتقد أن البنت المصرية قادرة على التفوق فى كرة القدم مثلما تفوقت فى رفع الأثقال والجودو والتايكوندو.
صراحة، أحيانًا الحظ، وأحيانًا أخرى الإصابات. لا أعرف السبب، لكن أشعر بأننا نحتاج إلى عمل ومجهود أكثر. نستطيع أن نحقق ميدالية، وقريبًا سنفعل ذلك، لكن علينا معالجة السلبيات الموجودة.
– بالطبع، أرى أننا عائلة واحدة دائمًا، وأعتبر محمود الخطيب والدى الثانى، ودائمًا ما نتجمع على حب النادى الأهلى.
أتذكر مرة أننى بكيت بسبب الأهلى، كان هذا تحديدًا بعد خسارة الفريق لمباراة الترجى فى دورى أبطال أفريقيا ٢٠١٨. كان سيناريو غدارًا ومجنونًا، ووقتها اسودت الدنيا فى عينى. أيضًا لحظة خسارة مباراة صن داونز بخماسية، كان من الصعب تقبلها.
– لحظة هدف أفشة فى نهائى القرن، لحظة خيالية، مهما مر الزمن لن أستطيع نسيانها، خاصة أننى كنت فى الملعب. أستطيع أن أجزم أنها اللحظة الأسعد فى حياتى بأكملها. من ضمن اللحظات السعيدة أيضًا هدف أحمد فتحى فى طلائع الجيش ببطولة الدورى تقريبًا فى ٢٠١٠.
– الأسطورة فى وجهة نظرى محمد أبوتريكة، ثم الخطيب، وصلاح فى المركز الثالث. وأدرك أنه لاعب محترف وأسطورة حقق أرقامًا وإنجازات كثيرة، لكن بالنسبة لى يقع فى المركز الثالث خلف تريكة والخطيب.
– إمام عاشور، ولا أعلم أبدًا سبب استبعاده من جانب حسام حسن للمشاركة مع المنتخب، لكننى أثق أنه سيضمه فى الأوقات الصعبة.
– نعم، إلى الآن الأهلى لم يعوض غياب محمد عبدالمنعم، لذلك نحتاج لمدافع قوى يعوض غيابه، بالإضافة إلى ظهير أيمن ولاعب وسط مدافع، أو عودة المالى أليو ديانج.
– الأداء متباين، وتقييم كولر بالبطولات أفضل، لكن فى الطبيعى اختياره لبعض الصفقات غير موفق.
– العاطفة مالت لمعلول وفرحت بتجديد عقده، رغم أن العقل كان ضد ذلك، ولا أتوقع مشاركته مع الأهلى فى الأوقات المقبلة.
– عليكِ بالسعى، الأمر صعب لكنه ليس مستحيلًا، يحتاج فقط إلى الإصرار والعزيمة والاستعداد الجيد، والتمكن فى اللغات والطموح الكبير.