لم يرَ أحد تعبيرات الفراشة فى أول طيران، لكن الجميع رأى خفة جودى عبد الله على بساط الجمباز، ولم يشهد أحد لحظة ثقة الزهرة حين تتفتح، لكن الجميع لمس فرحتها فى لحظات الإنجاز، هى الفتاة التى منحت للرشاقة معنى جديدًا للثقة، وللرياضة صورة من صور الانتصار.
جودى عبد الله، بطلة منتخب مصر للجمباز الفنى، نجمة شابة لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها، لمع اسمها مؤخرًا بعد أن حصدت الميدالية البرونزية فى بطولة كأس العالم للجمباز الفنى، المقامة على مجمع الصالات المغطاة باستاد القاهرة، فى منافسات حصان القفز، ومع هذا الإنجاز، أصبحت ضمن الأفضل عالميًا فى واحدة من أصعب الرياضات.
جودى اختصت «المصرى اليوم» بأول حوار بعد حصولها على برونزية العالم فى الجمباز الفنى فكانت التفاصيل التالية:
■ بداية، حدثينا عن بدايتك مع الجمباز؟
– بدأت من نادى الزهور، وإلى هذه اللحظة مازلت أمثله، ووصلت إلى منصات التتويج بدعم كبير من أسرتى وأصدقائى.
■ متى بدأتِ ممارسة اللعبة؟
– أنا اتولدت فى ملعب جمباز، بدأت اللعب وعندى ٣ سنين، ومن وقتها وأنا لا أتصور حياتى من غيره، بدونه أشعر بالغربة والضياع.
■ رحلتك مع البطولات هل كانت سهلة؟
– بالعكس، رحلتى مع الجمباز لم تكن مجرد ممارسة رياضية، بل أسلوب حياة، تفتحت شخصيتى فى أروقته، ونضج شغفى مع كل حركة، كل تمرين، وكل إصابة بصراحة، الجمباز علّمنى الصبر، والمثابرة، وتحقيق الأهداف خطوة بخطوة، كل لحظة تدريب وكل تعب له نتيجة، وأنا مستعدة أضحى بأى شىء عشان الحلم الكبير.
ورغم الإنجازات، لم يكن طريق أحلامى مفروشًا بالورود، فقد واجهت مواقف صعبة تركت أثرًا نفسيًا كبيرًا، لكنى تجاوزتها بإصرارى.
■ مثل ماذا؟
– مثل التعليقات السلبية.
■ كيف؟
– من أكثر التعليقات السلبية اللى واجهتها، لما حد شتمنى على فيسبوك عشان بعمل الحركات دى، وقالّى: ممكن تستفادى إيه؟، الكلام ده أثر فىّ جدًا، لكن بدل ما يكسّرنى، خلانى مصممة أكتر على النجاح وإثبات إن الرياضة لا تعرف جنسا ولا حكما مسبقا.
■ هل تعتقدين أن المجتمع يحتاج لتفهم بعض الرياضات الفردية؟
– بالتأكيد.
■ كيف؟
– المجتمع لايزال بحاجة لفهم الرياضيات الفردية وتشجيع الفتيات على ممارستها، مشيرةً إلى أن كثيرًا من الفتيات يحلمن بالجمباز لكن يواجهن صعوبات اجتماعية.
وهناك بنات كتير نفسها تلعب جمباز، لكن للأسف بيكون صعب عشان المجتمع اللى عايشين فيه وكلام الناس، الرياضة مش بس للجسم، دى كمان للعقل والثقة بالنفس، ومحتاجة دعم من الأهل والمجتمع.
■ حدثينا عن مستواك فى بطولة كأس العالم الأخيرة بعدما نلتى استحسان النقاد والجماهير؟
– الليونة والدقة فى الحركات لا تأتى من فراغ، حركات الجمباز والظهور هكذا مش بتيجى من يومين، ده بياخد وقت كبير وتدريب مستمر، وعشان كده لازم الإنسان يبدأ من وهو صغير، يعنى أنا بدأت تقريبا من وأنا عندى ٣ سنين وهكذا زمايل كتير. وكان عندى شغف، وتحدٍ، وانتصار لفتاة آمنت بحلمها، وسرت نحوه بخطى ثابتة.
■ لمن يعود الفضل الأكبر فى نجاحك؟.
– عائلتى بتشجعنى جدًا، ووالدى ووالدتى هما أكتر أشخاص مُلهمين بالنسبة لى، وكمان أصحابى دايمًا بيدعمونى، بابا بيكون دايمًا فى المدرجات، وماما بتسهر معايا لما أرجع تعبانة من التمرين.
■ حدثينا عن أهدافك وأحلامك فى الفترة المقبلة؟
– أحلم بل وأخطط للوصول إلى أوليمبياد ٢٠٢٨، وتحقيق ميدالية تليق بعزيمتى وإصرارى، بحلم أشارك فى أوليمبياد ٢٠٢٨ عشان أرفع علم مصر بميدالية، عايزة أحقق إنجاز يليق بالتعب اللى بذلته طول السنين، ويكون رسالة لكل بنت إنها تقدر توصل.
■ إذن طموحك يتوقف عند أوليمبياد لوس أنجلوس فقط؟
– لا، هدفى لا يتوقف عند المنافسات فقط، بل أريد أن أكون مصدر إلهام وقدوة لبنات كتير، وأشجعهن على أن يتمسكن بأحلامهن مهما كانت الصعوبات، وأقول لهن: «مفيش مستحيل».
■ ماذا عن الدعم الموجه من الدولة والاتحاد؟
– بالتأكيد ليس هناك دعم إعلامى كافٍ، لكن من أبرز الداعمين لنا بشكل عام المدربين والاتحاد، وبعد حصد الميدالية الوزير تواصل معنا أيضًا، وقام بتشجيعنا لنحقق المزيد، والفترة القادمة سيتمكن منتخب مصر من تحقيق إنجازات كبيرة فى اللعبة.
■ رأيك فى الرياضة النسائية فى مصر بصفة عامة؟
– الرياصة النسائية فى مصر بدأت فى تطور، والدولة المصرية مهتمة بها، وفى ألعاب كتير بدأت تظهر، والبنت المصرية بدأت تتألق فى كل الألعاب الجماعية وكمان فى الألعاب الفردية.
■ ما هو روتينك اليومى؟
– ليس لدى روتين محدد قبل أى مباراة، كل ما أفعله هو التفكير بشكل جيد، وعدم الاستماع لأى ضغوطات، أو مؤشرات سلبية.
■ هل لعب الجمباز يؤثر على دراستك؟
– أحاول التوفيق بينهما، والرياضة بتدينى طاقة إيجابية ودوافع للنجاح، مش بتكون عائق زى ما ناس كتير بتفكر، بالعكس شايفة إنه شرط كبير من شروط النجاح إننا نهتم بممارسة الرياضة، وأنا عندى أجندة بنظم من خلالها وقتى وأعمالى ومذاكرتى وهكذا.
■ ماذا تحتاج رياضة الجمباز فى مصر لكى تنتشر وتحقق نجاحا كبيرا مثل باقى الرياضيات؟
– رياضة الجمباز رياضة مكلفة وصعبة، وتحتاج لموهوبين واهتمام كبير من الدولة لعمل صالات مغطاة ووجود أجهزة معينة، وبنصح كل الأسر يقدموا ولادهم ويدعموهم، ويخلوهم يمارسوا اللعبة من وهم صغيرين، لأنهم هيستفيدوا منها على كل المستويات، مش لازم ماديًا.
■ أخيرا، كلمة توجهينها لأى بنت؟
– أقول لكل بنت لازم تحلمى وتصرى على تحقيق حلمك والرياضة بصفة عامة مهمة لأى شاب وشابة وصدقينى مصر تمتلك الكثير من المواهب فى كل الألعاب الفردية والجماعية، ولكن الأمر يحتاج إلى إصرار من جانب البنت أو الولد وأعتقد أن الدولة استدركت كل السلبيات التى حدثت فى الفترة السابقة، وواضح لنا جميعا أن الأمر تغير هذه المرة قبل أوليمبياد لوس أنجلوس، فهناك اهتمام بكل التفاصيل الخاصة بنا وطرق الإعداد والمعسكرات ومدى ما وصل إليه اللاعبون واللاعبات من مستوى وأرقام، كما أن الدولة لا تبخل بأى دعم مالى لكل الاتحادات بصفة عامة وإن شاء الله تحقق مصر كل طموحاتها فى دورة الألعاب الأوليمبية المقبلة فى لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، وتكون مصر ضمن الدول الأكثر حصدا للميداليات لأن مصر لديها الكثير من الإمكانيات المادية والبنية التحتية، وأيضاً المواهب القادرة على حصد البطولات والميداليات العالمية.