تحت الأضواء الكاشفة فى أبرز الفعاليات الرياضية، لا تتوقف إنجازات اللاعبات المصريات، تدريبات جادة وقوية، تركيز أثناء المنافسة مع مراعاة الالتحامات والإصابات، فيما تتابع الجماهير هذا التألق من المدرجات وداخلهم الكثير من الأسئلة حول نشأة اللاعبات وكيفية إدارة حياتهن خارج الملعب.

وتستعرض «المصرى اليوم» فى سلسلة «برا الملعب» حياة اللاعبات المصريات رفقة أسرهن وكيف تقضين أوقاتهن خارج فترات التدريب.

تحدثت «المصرى اليوم» مع دعاء الغباشى نجمة النادى الأهلى والمنتخب الوطنى، لتكشف تفاصيل جديدة عن حياتها وحبها لكرة الطائرة.

وُلدت دعاء الغباشى فى ٨ نوفمبر عام ١٩٩٦ فى محافظة البحيرة، وسرعان ما بدأت رحلتها فى عالم الرياضة، أحبت الكرة الطائرة فكانت تذهب إلى التدريب يوميًا بعمر الـ٦ سنوات إلى مركز شباب بيبان بمحافظة البحيرة للتدريب.

ثم انتقلت بعدها للعب بنادى دلفى، أعقبه الإنتاج الحربى، ثم سبورتنج ومن خلاله انضمت إلى وادى دجلة قبل أن تلعب ضمن صفوف نادى الشمس، وأخيرًا تدخل بوابة القلعة الحمراء فى عام ٢٠١٩، والذى تعتبره دعاء عامها المميز فى مشوارها الرياضى.

وخلال مسيرتها الرياضية تُوجت دعاء بالعديد من الألقاب رفقة الأندية المختلفة كما رفعت علم مصر فى المنصات العربية والإفريقية، بالإضافة إلى المشاركة فى دورتين أولمبيتين رفقة الفراعنة فى الكرة الطائرة الشاطئية.

تنتظر البطلة المصرية مولد طفلها الأول خلال الأشهر المقبلة، مؤكدة أنها على أتم الاستعداد للعودة مرة أخرى للملاعب وخوض المنافسات من جديد، لتثبت أن المرأة المصرية قادرة على تخطى الصعاب والنجاح فى أى ظروف، مشيرة إلى أن هناك عدة بطلات مصريات تُوِّجن بألقاب عالمية وهن أمهات، وأن طفلها أصبح حافزًا كبيرًا لها لتحقيق المزيد من الإنجازات فى الرياضة.

بالطبع لم يكن طريق دعاء محفوفًا بالورود بل تعرضت للعديد من التحديات والصعوبات والأزمات التى شكلت شخصيتها القوية فى الملعب وساعدتها على تخطى كل هذا والوصول إلى منصات التتويج، وفى هذا الحوار نرصد لكم محطات فى حياة دعاء الغباشى:

دعاء الغباشى

■ ما العقبات التى واجهتك خلال مشوارك الرياضى؟

– بدأت ممارسة كرة الطائرة فى البحيرة، وعندما تعاقدت مع أحد الأندية فى القاهرة كان عمرى ١٣ عامًا، وكان لدى تدريب على فترتين (صباحى ومسائى)، بالطبع كان هناك اعتراض على السفر من والدى ووالدتى بشكل دورى لبنت فى سن صغير فقط ١٣ عامًا، والعيش بمفردى ولم يكن بالأمر السهل وأنا مُقدِّرة ما يحملونه تجاهى من قلق وخوف طوال الوقت.

ومع مرور الأيام وجدوا فائدة التدريب والإنجازات التى أحققها واطمأن قلبهم تجاه السفر والتدريب، بل وأصبحوا هم من يشجعونى على ذلك.

بالإضافة إلى ذلك أعتبر كرة الطائرة من ضمن الرياضات العنيفة فى طبيعة التدريب والتعامل داخل الملعب مما قد ينتج عنه إصابات بالغة، فالاهتمام بصحتى وجسدى إجبارى للبقاء داخل الملعب.

■ زوجك يعمل مدربًا للكرة الطائرة أيضًا.. حدثينا عن الكواليس؟

– نعم، تعرفت على زوجى كريم مجدى أثناء فترة تواجدى فى النادى الأهلى، ووقتها كان مدربًا لفريق الناشئين، وسرعان ما تواصل مع أسرتى وتمت الخطبة والزواج فى إطار عائلى وسط الأهل والأصدقاء.

دعاء الغباشى

بالطبع بيننا أشياء كثيرة مشتركة أبرزها حبنا لرياضة الكرة الطائرة، وهو الداعم الأول لى فى التدريب، دائمًا يشجعنى على التدريب وتحقيق الإنجازات، خاصة أنه على وعى تام بتفاصيل هذه الرياضة وما يحدث فى الملعب ومعسكر المنتخب وغرف الملابس، وهو ما أجده من أهم المميزات فى علاقتنا.

■ أشهر قليلة تفصلنا عن وصول طفلك الأول.. كيف تمارسين الرياضة فى فترة الحمل؟

– أدعو الله أن يصل طفلى سليمًا معافى.. هذا هو هدفى الأول.. أما بالنسبة للتدريب فأنا أتدرب يوميًا ولكن فى «الجيم» أو النادى بعيدًا عن الملعب أو الكرة الطائرة.

وذلك لأننى لا أريد أن أفقد لياقتى بشكل كبير بسبب الحمل، ولكن كما ذكرت سابقًا أن رياضة الكرة الطائرة تتطلب مجهودًا بدنيًا عنيفًا وقد تحدث اشتباكات داخل الملعب وتداخل على الكرة مما يمثل بعض الخطورة عليَّ والجنين، ولذلك نصحنى الأطباء بالتدريب بشكل طبيعى ولكن خارج الملعب.

فأنا يوميًا أتدرب وأقوم بعمل تمرينات المقاومة لكى أحافظ على صحتى ولياقتى البدنية حتى يسهل على العودة إلى الملاعب بشكل سريع عقب الإنجاب.

■ فى الآونة الأخيرة شاركت بعض اللاعبات المصريات فى المنافسات الرياضية أثناء الحمل وعقب الإنجاب مباشرة.. هل تجدين ذلك حافزًا لك؟

– طبعًا، الحمل مش مرض ولكنه حالة تحتاج إلى عناية خاصة للحفاظ على الأم والجنين، فمثلًا رأينا ندى حافظ لاعبة المنتخب الوطنى للسلاح تشارك فى أولمبياد باريس أثناء فترة حملها، فرياضة السلاح لا تحتاج إلى أى احتكاك مع المنافس وبالتالى هى آمنة بعض الشيء عن رياضات أخرى عنيفة، ولكن هذا بالطبع يحدده الطبيب وفقًا للحالة الصحية والجسدية.

لكنى أرى أن ذلك مصدرًا للإلهام، فالبطولة لا تتوقف فقط عند الميداليات والكؤوس ولكن البطولة تُصنع داخل جدران المنزل، البطولة هى القيام بدور الأم واللاعبة، وتكوينى لشخص ونموذج ناضج وسوى وقوى يُحتذى به من أبنائى.

■ ما خطتك للفترة المقبلة، واستعداداتك لدورة الألعاب الأولمبية لوس أنجلوس ٢٠٢٨؟

– أتمنى أن أعود سريعًا إلى الملاعب عقب الإنجاب، لدى حافز قوى بالعودة إلى المستوى المطلوب فى أسرع وقت، والمشاركة مع الأهلى فى مختلف المناسبات، وأيضًا المشاركة رفقة المنتخب الوطنى فى البطولات المقبلة والاستعداد لبطولة إفريقيا.

الاستعداد لدورة الألعاب الأولمبية بدأ بالفعل، نُركِّز الآن على التحضير للمشاركة فى بطولة أفريقيا والتى من خلالها يمكننا التأهل إلى الأولمبياد مثل ما حدث فى الدورة السابقة.

■ كيف تجدين مشاركتك فى الدورتين السابقتين من الأولمبياد، وما الذى تسعين لتحقيقه الدورة المقبلة؟

– أولمبياد باريس تم التأهل إليها من خلال التتويج بلقب إفريقيا للكرة الشاطئية، وكرة الطائرة الشاطئية صعبة للغاية وغير منتشرة بمصر، مما يشكل بعض الصعوبة على اللاعبين فى توافر الملاعب ومعدات التدريب.

فخورة بالمشاركة الأخيرة فى أولمبياد باريس ٢٠٢٤ وتمثيل بلدى مصر، اكتسبت خبرات عديدة سأقوم بتوظيفها واستغلالها بشكل أكبر فى الأولمبياد القادمة، لتحقيق إنجاز أكبر والصعود على منصات التتويج.

■ بالرجوع إلى أولمبياد ريو دى جانيرو ٢٠١٦، انتشرت صورة لك وزميلتك بالمنتخب بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعى ترتدين فيها القميص والسروال والحجاب الكامل بينما يرتدى المنتخب المنافس ملابس السباحة «بيكيني».. هل عرضك ذلك للانتقادات؟

– أرى أن الرياضة تجمع كل شعوب وثقافات العالم، واحترام الآخر واجب حتى إذا كان مخالفًا لرأيى ومعتقداتى، وهذا ما حدث فى أولمبياد ٢٠١٦.

الصحف العالمية تناولت صورتى وقتها معلقة «أن الرياضة تجمع كل الشعوب والثقافات»، فقد حظينا وقتها باحترام ودعم الجماهير خلال البطولة، وهذا كان حافزًا كبيرًا لى للمضى قدمًا فى الكرة الشاطئية.

عندما أتعرض للانتقاد لا أهتم، أنا أمارس الكرة الشاطئية منذ سنوات عديدة، وأمارسها وأنا أرتدى الحجاب، فهو ليس عائقًا لممارسة الرياضة، ويجب على الجميع احترام الآخر وحريته ومعتقداته.

■ على الرغم من توقفك الفترة الماضية عن المشاركة رفقة الأهلى بسبب الحمل، إلا أن تواجدك كان بشكل دائم فى كل المباريات.. حدثينا عن ذلك؟

– لقد توقفت عن التدريب رفقة الفريق فى نصف الموسم بشكل مفاجئ، لذلك أسعى دائمًا لدعم سيدات طائرة الأهلى بوجودى فى المباريات ومساندة الفريق من على «دكة الاحتياط» لكى لا تشعر اللاعبات أن هناك عنصرًا مفقودًا فى الملعب.

قد يكون لذلك تأثير نفسى بأن الفرقة عددها مكتمل، بالإضافة إلى أن ذلك يدعمنى نفسيًا بتواجدى وسط فريقى وأصدقائى وأشاهد المباريات للعبة التى أحب عن قرب.

■ شهدت السنوات الماضية عددا كبيرا من انتقالات لاعبات طائرة الأهلى إلى الزمالك.. فى رأيك كيف أثَّر ذلك على المنافسة فى الدورى؟

– بالطبع هذه الانتقالات كان لها تأثير كبير على الفريق فى البداية، ولكنها جعلت هناك منافسة شرسة فى الدورى، أصبحنا نخوض المباريات بقوة وتركيز أكبر ولا يتم حسم اللقب إلا فى اللقاءات الأخيرة، على عكس السنوات الماضية.

فى رأيى أنها خطوة جيدة لمصلحة الكرة الطائرة فى مصر، فأصبحت المنافسة أكثر شراسة واللاعبين أكثر ندية وحزم، ومتعة إضافية للجماهير فى المدرجات وسط ترقُّب من وسائل الإعلام.

المباريات أمام الزمالك لها طابع خاص، لأن المباراة تكون مليئة بالأحداث والكرات الصعبة، وأقوم بدورى كلاعبة للأهلى على أكمل وجه، ولكن الفريق المنافس فى النهاية له كل الاحترام والتقدير، وخارج الملعب كلنا أصدقاء.

■ الآن أصبحتِ عضوًا بلجنة اللاعبين بالاتحاد الدولى لكرة الطائرة بالإضافة إلى كونك عضوًا بلجنة اللاعبين فى الأولمبية المصرية، ما الدور الذى ستقومين به لمساعدة زملائك فى الألعاب المختلفة؟

– سعيدة بثقة زملائى والمسؤولين بترشيحى لتولى هذا المنصب، وأتمنى أن يكون هناك قنوات اتصال دائمة بينى وبين زملائى اللاعبين، الآن سيصبح لدينا صوت مسموع داخل الاتحادات الدولية.

بدورى سأسعى لحل أزمات اللاعبين وتوصيل صوتهم للمسؤولين لتذليل جميع العقبات، فالاهتمام بالرياضيين هو هدفى الأول.

أرى أن من أولويات عملى نشر ثقافة الصحة النفسية للاعب وضرورة تواجد معدٍّ نفسى لكافة الاتحادات لمساعدة اللاعب على التأهيل النفسى قبل وبعد المنافسات، مما سينعكس بالضرورة على أداء اللاعبين بالإيجاب.

■ كيف ترين مستقبل الكرة الطائرة فى مصر؟

– لدينا عناصر مميزة فى عدة أندية فى الكرة الطائرة، يمكنهم الحصول على ألقاب عديدة والتتويج بالبطولات المختلفة.

ولكن فى الكرة الطائرة الشاطئية نحتاج إلى نشر اللعبة بشكل أكبر فى مصر، وإنشاء ملاعب أكثر لتسهيل انتشار اللعبة ومعرفة قوانينها للجماهير، بالإضافة إلى الدعم المادى والمعنوى للاعبين لكى يتمكنوا من الاستمرار فى الرياضة وتحقيق الإنجازات.

ذات صلة