فى زمنٍ أصبحت فيه المعادلة بين التفوق الرياضى والنجاح الأكاديمى صعب للغاية، تبرز بعض النماذج الاستثنائية التى تكسر القاعدة وتفرض حضورها بموهبتها وإصرارها.
وفى عالم الرياضة، حيث تتطلب المنافسة الشرسة مزيجًا من القوة البدنية والانضباط الذهنى والقدرة على القيادة تحت الضغط، تبرز أسماء قليلة تنجح فى إثبات نفسها مبكرًا وتحتفظ بمكانتها وسط الكبار، بل وتتقدم لتقود الآخرين بثبات وثقة.
واحدة من هذه النماذج اللافتة هى نورا عزمى، قائدة فريق الكرة الطائرة للسيدات بنادى الزمالك، التى أثبتت نفسها كواحدة من أبرز اللاعبات فى جيلها، بعدما جمعت بين الموهبة، والاجتهاد المستمر، والعشق الخالص للعبة، كما استطاعت أن تترك بصمة واضحة فى ميادين الرياضة رغم صغرها، دون أن تتنازل عن حلمها الأكاديمى فى أحد أصعب التخصصات الجامعية: كلية الهندسة – قسم العمارة.
ساهمت فى تتويج الزمالك بعدد من البطولات المهمة، وساهمت بروحها القيادية فى بناء جيل جديد من اللاعبات يحملن طموح العودة إلى منصات التتويج المحلية والإفريقية.
ورغم التزاماتها الرياضية الكثيفة، لم تهمل نورا عزمى جانبها الأكاديمى، فهى تدرس حاليًا فى كلية الهندسة – قسم العمارة، أحد أكثر التخصصات الأكاديمية تطلبًا، ما يعكس شخصيتها المتوازنة وإصرارها على التميز فى كل مجالات حياتها.
الجمع بين الدراسة فى كلية مرموقة، والتدريبات اليومية، والمباريات المحلية والقارية، ليس بالأمر السهل، لكن نورا استطاعت أن تخلق لنفسها نظامًا خاصًا يوازن بين الطموح العلمى والرياضى، لتكون بذلك قدوة حقيقية للفتيات الصاعدات.
فى هذا الحوار، نفتح معها ملف مسيرتها الرياضية منذ البدايات وحتى الآن، ونتحدث عن الصعوبات التى واجهتها كلاعبة وامرأة فى الرياضة، وطموحاتها مع الزمالك، ورؤيتها لمستقبل الكرة الطائرة النسائية فى مصر، إلى جانب كيفية إدارتها لحياتها كطالبة هندسة ولاعبة محترفة فى آنٍ واحد.
كما نقترب منها إنسانيًا لنعرف ما الذى يحفزها، ومن يقف وراء دعمها، وكيف ترى دور الرياضة فى تمكين الفتيات.. فإلى نص الحوار:
■ متى بدأتِ ممارسة كرة الطائرة.. وما الذى جذبكِ لهذه الرياضة تحديدًا؟
– بدأت ممارسة الكرة الطائرة وعمرى ٦ سنوات فى نادى الزمالك. لقد أحببت هذه الرياضة بسبب الكابتن عزمى مجاهد، فهو خال والدى، ووالدى أيضًا كان لاعب كرة طائرة، بالإضافة إلى إخوتى. الظروف كلها كانت تميل فى اتجاه الكرة الطائرة، وعندما بدأت التدريب، أحببت اللعبة جدًا.
■ هل تواجهين أزمة فى تنظيم أوقاتك ما بين الدراسة وممارسة الرياضة؟
– بالتأكيد أواجه صعوبة فى تنظيم وقتى، لكننى أستطيع فى النهاية التوفيق بين عملى والتمرين، لأننى تعودت على ذلك منذ صغرى.
■ كيف كانت بداياتكِ فى نادى الزمالك، وما هى أبرز المراحل التى مررتِ بها حتى وصلتِ لقيادة الفريق؟
– بدايتى كانت فى البراعم فى نادى الزمالك مع الكابتن محمد أبوجليل، رحمه الله عليه. أبرز المراحل كانت عندما كان عمرى ١٦ سنة، حيث كنت ألعب فى فرق ١٦ سنة و١٨ سنة والفريق الأول. كانت من أصعب الفترات، لكنها كانت الأجمل.
■ ماذا يعنى لكِ أن تكونى قائدة فريق سيدات الكرة الطائرة بنادى الزمالك.. وما هى المسؤوليات التى تقع على عاتقكِ كقائدة؟
– سعيدة جدًا بأننى قائدة الفريق، وهو شرف كبير جدًا لى أفتخر به أمام الجميع. إنها مسؤولية كبيرة جدًا، لأنه من المهم جدًا أن يكون هناك التزام فى التمرين وأن نكون جميعًا يدًا واحدة. يجب أن أكون دائمًا مركزة فى ذلك لكى نكون فى أفضل حالاتنا.
■ ما هى الصفات الأساسية التى يجب أن يتمتع بها قائد الفريق فى رأيكِ.. وكيف تحاولين تجسيد هذه الصفات؟
– يجب أن يكون قائد الفريق شخصية قوية ومحبوبًا من الجميع قدر المستطاع، وأن يكون حازمًا فى المواقف الصعبة أو التى تستدعى ذلك. أنا أحاول بكل جهدى أن أكون دائمًا أفضل وأن أمتلك هذه المميزات، والحمد لله لم أواجه مشاكل فى العام الماضى.
■ هل هناك قائد أو شخصية رياضية معينة تعتبرينها قدوة لكِ فى قيادتكِ للفريق؟
– طبعًا، الكابتن شيكابالا والكابتن أحمد الأحمر هما أكبر قدوتين لى كقائدة فريق.
■ كيف تقيمين مستوى الفريق الحالى؟ وما هى نقاط القوة والضعف التى ترينها؟
– الفريق حاليًا، الحمد لله، أراه أفضل فريق فى مصر. نحن نمتلك أفرادًا على أعلى مستوى، وإن شاء الله سنكون دائمًا رافعين رأس الجمهور. نقطة القوة فى الفريق هى الترابط الكبير بيننا، فنحن أصدقاء داخل الملعب وخارجه، والجميع يفكر فى هدف واحد وهو مصلحة الفريق والتتويج بالبطولات. لا أرى أن هناك نقاط ضعف فى الفريق؛ يعنى لو كنت فى فريق منافس، لتمنيت أن أكون فردًا من هذا الفريق.
■ ما هى الأهداف التى يسعى فريق سيدات الزمالك لتحقيقها فى الموسم الحالى والمواسم القادمة؟
– هدفنا فى الموسم الحالى هو حصد كل البطولات إن شاء الله، ونحن على قدر المسؤولية وقادرون على تحقيق ذلك. وهذا بالطبع هدفنا فى كل المواسم، وليس الحالى فقط.
■ كيف هو الانسجام والتواصل بين لاعبات الفريق داخل وخارج الملعب.. وما هى أهمية ذلك لتحقيق النتائج المرجوة؟
– كما أوضحت من قبل، الفريق الحمد لله مترابط جدًا، ونحن أخوات وليس أصدقاء فقط، وهذا يظهر أيضًا فى الملعب بأن قلوبنا جميعًا على بعض. وأرى أن هذه أهم حاجة فى اللعبة، أهم حتى من المستوى الفنى، لأن الروح أهم شىء فى الألعاب الجماعية، وهذا موجود الحمد لله.
■ ما هى التحديات التى تواجه فريق سيدات الكرة الطائرة بشكل عام فى مصر، وكيف تتغلبون عليها فى نادى الزمالك؟
– لا أرى أن هناك تحديات، لأننا لا نركز فيها إطلاقًا. يعنى مهما يحدث، نحن نكون مركزين على أنفسنا ولا يهمنا أى تحدٍ يظهر.
■ كيف ترين دور الجهاز الفنى والإدارى فى دعم مسيرة الفريق وتحقيق أهدافه؟
– دور الجهاز الفنى مهم جدًا، لأن الفضل الكبير لهم وراء كل النجاحات والبطولات من تدعيم وتشجيع. وطبعًا يجب أن نشكرهم على تعبهم، لأنهم فعلًا لم يكونوا ينامون فى البطولات كلها لكى يعملوا على الفرق المنافسة.
■ ما هى أهم وأصعب المباريات التى خاضها الفريق مؤخرًا؟ وكيف استعددتم لها؟
– أصعب المباريات كانت فى بطولة إفريقيا، لأننا فى ربع النهائى ونصف النهائى والنهائى كانت من أصعب المباريات، وطبعًا أصعبها النهائى ضد النادى الأهلى. وكنا نستعد لهذه المباراة من أول يوم فى البطولة.
■ كيف تصفين شعور اللعب أمام جمهور الزمالك؟ وما هو الدور الذى يلعبه الجمهور فى دعم الفريق؟
– اللعب أمام جمهور الزمالك هو من أجمل اللحظات، وتكون من أحلى المباريات عندما يكونون متواجدين. ونتمنى أن يكونوا موجودين فى كل المباريات، وليس فقط فى النهائيات، لأنهم يحفزوننا جدًا وتكون هناك روح لا تكون موجودة إلا وهم موجودون.
■ هل هناك رسالة توجهينها لجمهور الزمالك الداعم لفريق سيدات الكرة الطائرة؟
– رسالتى لجمهور الزمالك أنهم أحلى جمهور فى الكون، وأن لهم دورًا كبيرًا جدًا فى النجاح الذى وصلنا إليه، ونتمنى أن يكونوا دائمًا داعمين لنا، ونحن سنفرحهم دائمًا ولن نخذلهم أبدًا.
■ من وجهة نظركِ.. ما هو أفضل منتخب للكرة الطائرة؟
– من وجهة نظرى، أفضل منتخب للكرة الطائرة هو منتخب إيطاليا والبرازيل، فهما المفضلان بالنسبة لى.
■ كيف توازنين بين مسؤولياتكِ كقائدة وحياتكِ الشخصية؟
– بالتأكيد أواجه صعوبة فى الموازنة بين حياتى وكونى قائدة الفريق، لكننى تعودت على المسؤوليات منذ الصغر، ولهذا أعرف كيف أوازن بينهما.
■ ما هى طموحاتكِ الشخصية فى عالم كرة الطائرة على المدى القصير والطويل؟
– طموحى فى كرة الطائرة هو حصد البطولات دائمًا مع نادى الزمالك.
■ هل هناك نصيحة تقدمينها للفتيات الصغيرات اللاتى يحلمن بأن يصبحن لاعبات كرة طائرة وقائدات فى المستقبل؟
– أنصح كل الفتيات الصغيرات بأن الرياضة أهم شىء فى الحياة، وأهميتها نفس أهمية الدراسة، ومهما كانت الموازنة صعبة، لكن فى الآخر سيكونون فخورين جدًا بأنفسهم وبأهاليهم، وأنهم قادرون على أن يكونوا بطلات مع الدراسة أو العمل. وهذا ما أشعر به حاليًا، فأنا فخورة جدًا بأننى وصلت لهذه المرحلة، وأهلى فخورون بى جدًا وسعداء جدًا.
■ كيف ترين مستقبل كرة الطائرة النسائية فى مصر.. وما هى الخطوات اللازمة لتطويرها؟
– أرى مستقبلًا جيدًا جدًا للكرة الطائرة فى مصر، لأننا نمتلك عناصر على أعلى مستوى ويمكنهم المنافسة خارج البلاد. ويجب أن نطور من طريقة التدريب والاستعانة بمدربين أجانب لكى نستفيد من خبراتهم.
كلمة توجهينها لزملائكِ فى الفريق والجهاز الفنى وجمهور الزمالك.
أحب أن أقول لزميلاتى وأخواتى إننى فخورة جدًا بهن وأنهن رجال، وإننى فخورة جدًا بأننى فرد من هذا الفريق.
■ ما رأيكِ فى الكرة النسائية.. هل كانت موجودة فى مصر منذ فترة قديمة كنتِ تحبين أن تكونى لاعبة؟
– مبسوطة جدًا أن هناك فرق كرة قدم نسائية حاليًا فى مصر، وأعتقد لو كانت موجودة زمان كنت سأجرب ألعبها.
■ من نجمكِ المفضل فى كرة القدم؟
– نجمى المفضل فى كرة القدم هو شيكابالا وعمر جابر.
■ أخيرًا.. هل لديكِ أى شرط فى زوج المستقبل؟
– شرطى الوحيد فى زوج المستقبل أن يكون رياضيًا.