فى زمن تتسابق فيه العقول والأجساد لإثبات الذات، تبرز أسماء لامعة لم تُولد فى دائرة الضوء، بل صنعتها الإرادة والعزيمة، جومانا إسماعيل، بطلة مصر فى رياضة التجديف وقوفًا، لم تكن مجرد متسابقة تسعى للفوز، بل قصة نجاح تروى بكل فخر. من ساعات التمرين الطويلة إلى لحظة التتويج، رحلة أثبتت فيها أن القوة ليست حكرًا على أحد، بل لمن يملك الشغف ويصبر على التحدى.

فى هذا الحوار، تقترب «المصرى اليوم» من جومانا لنتعرف على أسرار رحلتها، والتحديات التى واجهتها، وما الذى يجعل رياضة التجديف وقوفًا مختلفة ومميزة.

■ بدايةً، احكى لنا بداية مشوارك فى رياضة التجديف؟

– أنا جومانا إسماعيل، مدير التطوير فى أحد البنوك، وعندى ٣٨ سنة، أمارس الرياضة من صغرى، وحاليًا بطلة مصر فى التجديف وقوفًا. بدأت ممارسة التجديف وقوفًا من عام ٢٠١٨، كنت أرى شخصًا واقفًا على نهر النيل حرفيًا، فقلت لنفسى: «عايزة أجرب أعمل الحاجة دي»، ومن هنا البداية. أول مرة وقفت على بورد (مركب) حسيت إنه ده مكانى، ولقيت نفسى ولازم أجرب وأتطور، وكملت لحد دلوقتى.

■ كيف كان التحدى الأول لكى فى رياضة التجديف؟

– رياضة التجديف وقوفًا جديدة فى مصر، والتحديات فى فرص التدريب غير المتوفرة بكثرة، وعاودت بالحديث عن بدايتها: «مفيش كابتن يوجهنى، فكنت بدخل على يوتيوب وأشوفهم بيعملوا إيه. اتعلمت كل حاجة من التجربة.. كنت دايمًا أحاول وأروح وأسأل حد من بره مصر، وأفهم إيه أحسن وضع فى التجديف، ومفيش أى تحديات خلتنى عايزة أوقف، بالعكس، كنت دايمًا بقول: لازم نشجع الناس وننزل مع بعض، وكل ما أحس نفسى مش مستقرة أرجع للنيل».

■ ما هى أنواع رياضة التجديف؟

– الرياضات المائية فيها أنواع كتير، والتجديف نوعين: الأول التجديف وقوفًا، وعبارة عن التجديف للأمام، والنوع الثانى التجديف للخلف، ويعرف باسم رياضات «الكانوي» وأيضًا «الكياك». كما أن هناك رياضة تانية اسمها «الدراجون بوت»، ودى عبارة عن تقريبًا «جيش»، على حد وصفها، قاعد على مركب واحدة، وناس على اليمين وناس على الشمال، فهناك رياضات مائية كتير مختلفة.

■ ما هى رياضة التجديف وقوفًا؟

– التجديف وقوفًا، بنبقى واقفين على مجداف ناحية واحدة بس، وبنبدل يمين وشمال حسب التدريب الخاص بكل لاعب، وحركة الهواء والمياه.

■ كيف كانت رحلة فوزك فى بطولة كأس مصر للتجديف وقوفًا؟

– فى بطولة كأس مصر، دخلت سباق المتقدمات ٢٠٠ متر فى التجديف وقوفًا، والحمد لله أحرزت المركز الأول. وطبعًا ده دورى فى تعريف التجديف وقوفًا، وإنها مش بس رياضة ترفيهية، لا، هى كمان رياضة احترافية تحتاج للتمرين والتدريب تحت إشراف مدرب ناجح. وسعيدة جدًا بنجاحى وفوزى، حتى ننشر أكتر ونتكلم أكتر وأكتر عن رياضة التجديف وقوفًا.

جومانا إسماعيل

■ ما سبب تأهيلك لكأس العالم فى التجديف؟

– فى شهر مارس ٢٠١٩، أول بطولة جمهورية فى التجديف وقوفًا، وحصلت على المركز الأول، وكان سبب تأهيلى فى بطولة العالم فى نفس السنة. لم يكن جديدًا أن أحصل على مركز فى مصر، لكن كنت سعيدة أن اللعبة تنتشر فى مصر، والصحف بدأت تتكلم عنها، وكذلك البرامج التلفزيونية.

■ من وجهة نظرك، كيف يكون الدعم للبنية التحتية فى رياضة التجديف الفترة القادمة؟

– الرياضات المائية فى مصر عمومًا مش واخدة حقها أوى، والأسباب غير معروفة، مع وجود بحرين ونيل، إحنا محتاجين نتوسع أكتر، وتحديدًا فى الأدوات، يبقى عندنا مراكب كافية علشان نجمع عدد كبير ونعمل إيفنت نعرّف الناس على الرياضات المائية. كمان المدربين محدودين جدًا، باعتبار أن التجديف رياضة حديثة.

■ ما هو نظامك الغذائى؟

– أنا حاليًا أتدرب ٣ مرات فى الأسبوع وعندى تحدى كبير أسعى لتحقيقه وسوف أعلن عنه قريبًا، كما أننى أتمرن كثيرًا فى الماء، وأيضًا أتمرن يوجا وهى بتفرق جدًا معى فى المرونة خصوصًا أن رياضة التجديف وقوفًا تحتاج توازن وقوة، إلى جانب رياضة الجرى كى يساعدنى فى الكارديو والتحمل.

■ ما هى رؤيتك لتقدم رياضة التجديف فى مصر والعالم؟

– نقدر نقول رياضة التجديف فى مصر من ٢٠١٩ لـ ٢٠٢٥ اتقدمت كونها رياضة غير معروفة ومش عارفين نعمل بالبورد إيه، إلى رياضة احترافية حاليًا ومؤمن بيها وفى مراكب نقدر نعتمد عليها وبدأ الناس تمارسها فى البحر أو النيل، وعلى مستوى العالم الرياضة بتكبر وكان أول بطولة مع اتحاد الكانوى والكياك الدولى كانت فى ٢٠١٩، فالرياضة مش قديمة أوى كرياضة تنافسية، وكمان فى دول بدأت تتبنى الرياضة ويكون فى لاعبين ناشئين.

■ ما هى هوايات جومانا إسماعيل بخلاف التجديف؟

– أحب ألعب غير التجديف وقوفًا، اليوجا، الهايكنج «تسلق الجبال»، السباحة، وبحب أركب عجل، وحاليًا الأقرب ليا «الكامنجا» مسيطرة جدًا عليا زى التجديف.

■ كلّمينا عن رحلتك من القاهرة إلى أسوان؟

– مشيت من القاهرة إلى أسوان فى ٢٤ يوم، ٩٠٠ كيلو، والرحلة بدأت من خلال ٣ شبان هيعملوا تحدى والهدف منها نشر الوعى عن القضية السكانية، وكان برعاية صندوق الأمم المتحدة للسكان ووزارة الشباب والرياضة. وكان هدفى وقتها أتعرف على مصر والمصريين ونبقى جزء من الناس، ومكنتش متخيلة إن أقدر أعملها. وأول ما بدأت لقيت نفسى قادرة على التحدى، وقوة التحمل زادت يوم بعد يوم.

■ كلّمينا عن رحلتك من المنيا إلى القاهرة؟

– سنة ٢٠٢٠ كنت عايزة أقوم بالتجديف فى النيل كله من أسوان إلى دمياط، وكان الهدف الأساسى منها التوعية بنظافة النيل.

كنت شايفة أنه الأحسن إننا نجدف النيل كله، وأن نقول للناس احرصوا على نظافة النيل، وإن نشعر بالمسؤولية تجاهه. وبعدها حصلت الكورونا على طول وقررت أعملها على مستوى فردى، وعملتها وقتها على كياك، وبالفعل اتقابلت مع المتسابقين فى المنيا ووصلنا للقاهرة، والتجربة كانت غنية جدًا.

■ ماذا عن تسلقك لقمة جبل كيليمنجارو؟

– فى أغسطس ٢٠٢٤ تسلقت جبل كيليمنجارو، أنا ومجموعة من السيدات حوالى ٨، وحبينا نوضح أن الست المصرية تقدر تعمل أى حاجة وتستطيع تحدى قسوة الطبيعة. وكانت أكبر واحدة فى المجموعة عندها ٦٠ سنة، وكانت ملهمة لينا، واحتفلنا بعيد ميلادها. وكان هدفنا أن الستات تقدر تعمل كل حاجة بعيدًا عن السن.

■ أخيرًا، ما هى أهدافك فى الفترة القادمة؟

– أحب جدًا ناس أكتر تلعب التجديف، وتجربه حتى لو بشكل ترفيهى فى البداية. وعن نفسى عايزة أدخل تحديات أكبر زى قبل كده، فقد قمت بالتجديف من القاهرة إلى المنيا ٢٥٠ كيلو فى ٥ أيام، نوع التحديات اللى بقدر أعمله وأستكشف وأتعرّف على الناس والمدن أكتر، وأوسع ثقافتى وفيها كلام مع النفس كتير أوى، وعايزة أشارك فى تجديف على مسافات طويلة وفيها تحمل أكتر، وننشر رياضة التجديف وقوفًا ونحمس الشباب للمشاركة فيها والتدريب.

ذات صلة