بعد عدة أشهر قليلة من توليه المسؤولية بدأت الأندية تشعر من جديد بالثقة فى التحكيم المصرى خاصة فى ظل التطور الملحوظ فى مستوى أكثر من حكم، واختفاء الاعتراضات بنسبة كبيرة من جانب كل الأندية المتنافسة فى بطولة الدورى المصرى.

الكولومبى أوسكار رويز، رئيس لجنة الحكام بالاتحاد المصرى لكرة القدم، فتح قلبه وتحدث فى حوار لم يخل من الصراحة مع الموقع الرسمى للاتحاد المصرى لكرة القدم (efa.com)، حول أبرز القضايا المتعلقة بالتحكيم فى كرة القدم المصرية، وحول ما لمسه منذ توليه قيادة منظومة التحكيم، وأزمة حكام مباراة القمة، وعدم ثقة الأهلى والزمالك فى الحكام المصريين، وكذلك حقيقة تدخل بعض المسؤولين فى تعيينات الحكام وغيرها من القضايا المهمة الخاصة بالتحكيم المصرى، والتى رد عليها بكل صراحة، وإلى نص الحوار:

■ رغم قصر المدة، ماذا تغير فى منظومة التحكيم منذ توليك مهمة قيادة المنظومة حتى الآن؟

– لم يمضِ على عملنا سوى ثلاثة أشهر فقط ويمكن القول إنها ثلاثة أشهر من العمل الجاد حيث حاولنا تصحيح بعض الأوضاع، التى كانت تعانى من خلل سابق، وقد استجاب الحكام بشكل جيد، وظهرت مواهب جديدة، لكن هذ لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة العمل فى الملعب، والنقاش بعد كل مباراة مع الحكام، وتنظيم الندوات مع الحكام، بالإضافة إلى الدعم الذى قدمه لنا الاتحاد المصرى لكرة القدم، لكن هذا لا يعنى أن المهمة قد انتهت بل علينا الاستمرار فى العمل، فالأخطاء ستبقى موجودة لأن كرة القدم رياضة تعتمد على تفسيرات ذات طابع ذاتى ما يعتبره أحدهم ركلة جزاء قد لا يراه الآخر كذلك، وهل هى لمسة يد أم لا ولكننا طورنا، لقد وضعنا خطة عمل تشمل جميع أنحاء مصر، لا تقتصر فقط على حكام دورى «Nile»، بل تشمل أيضًا حكام دورى المحترفين على أمل أن تظهر نتائج هذا الجهد فى المستقبل، لكن الأهم من كل ذلك هو العمل الجاد من أجل تحقيق النتائج، فبالقلم والورقة وحدهما لا تُحقق النتائج، بل لا بد من العمل فى الملعب ويجب أن نقوم بالمناقشات بعد المباريات ومراقبة الحكام وضمان جاهزيتهم البدنية عندها فقط ستظهر النتائج المرجوة.

■ ما تعليقك على عدم ثقة أندية القمة فى الحكام المصريين وطلب حكام أجانب لمواجهاتهم.. وكيف يمكن تغيير ذلك؟

– ينصّ قانون المسابقات أو لوائح كرة القدم المعتمدة هنا فى مصر على إمكانية طلب حكام أجانب وهذا أمر نحترمه من جميع الجوانب، لجنة الحكام فى الاتحاد المصرى لكرة القدم تعمل من أجل أن يصيب الحكام المصريون فى قراراتهم ويكسبوا ثقة الأندية وبرأيى، لا يوجد أى ضمان بأن يكون الحكم الأجنبى أو المصرى فعالًا بنسبة مائة فى المائة فجميع حكام العالم معرضون للخطأ لكن الثقة بالحكام المصريين والمصداقية تُكتسب من خلال القرارات الصائبة داخل أرض الملعب، أنا أؤمن بأن هناك كفاءات كبيرة الحكام المصريون تتم دعوتهم لإدارة مباريات فى تونس ودول أخرى مثل الكويت وهذا أمر طبيعى فى البلدان التى تسمح لوائحها بجلب حكام من الخارج ومع ذلك، يجب علينا أن نرسّخ الثقة وأن نُقنع الآخرين بجودة التحكيم المصرى، نعم هناك بعض القصور، كما هو الحال فى جميع أنحاء العالم ومن وجهة نظرنا، لا يوجد ما يسمى فرق كبيرة فجميع أندية الدورى الممتاز مهمة جدًا ويجب علينا أن نضمن العدالة لجميع الفرق سواء فى دورى النيل أو حتى فى المحترفين ونحن نحترم الآراء المخالفة لتوجهنا وعلى الحكام المصريين تقديم مستوى تحكيمى متميز.

■ ما هى معايير اختيار الحكام لإدارة المباريات.. وهل هناك تدخلات من مسؤولين فى تعيينات الحكام؟

– المعايير التى تعتمدها لجنة الحكام تبدأ أولاً بالكفاءة التحكيمية أى الجودة الفنية للحكم كما نأخذ بعين الاعتبار حالته البدنية وحالته النفسية بحيث يكون الحكم قادرًا على مواجهة الضغوط وبطبيعة الحال، نراجع أيضًا بعض الإحصاءات السابقة مثل أن لا يُعيَّن الحكم ذاته فى مباريات لنفس الفريق أو سبق وأن حدثت معه مشكلة فى مباراة سابقة فنحن نقيّم هذه الأمور بعناية.

■ هل تعمل لجنة الحكام باستقلالية كاملة، أم يتدخل بعض المسؤولين فى عملها؟

– لا لا، وبصراحة، أشعر بارتياح كبير تجاه هذه الآلية (استقلالية اللجنة) خاصة منذ الاجتماع الأول الذى ترأسه المهندس أبو ريدة رئيس مجلس إدارة اتحاد الكرة، حيث أكد حينها أن لجنة الحكام لجنة مستقلة وأنهم لا يسمحون لأى أطراف بعيدة عن قسم التحكيم ولجنة الحكام بأن يتدخلوا فى عمل اللجنة أو فى تعيين الحكام نحن مستقلون فى قراراتنا، فلا ننظر إلى ألوان القمصان ولا إلى أى عوامل أخرى، بل نحكم فقط وفق المعايير التحكيمية البحتة وفى هذا السياق، أشعر بفخر ورضا كبيرين تجاه اللجنة التنفيذية فى الاتحاد المصرى لكرة القدم لأنها احترمت استقلال لجنة الحكام.

■ هل ترى أن تقنية الفيديو (VAR) تستخدم فى مصر بالشكل المثالى؟ أم أن هناك حاجة لتطويرها؟

– أعتقد أن تقنية الفيديو فى مصر كما هو الحال فى جميع أنحاء العالم ستظل دائمًا محلّ جدل ونقاش سواء بسبب التدخل أو عدم التدخل فى بعض الحالات ومع ذلك، فقد واصلنا العمل من أجل تطوير الأداء لا سيما فى ما يتعلق بزمن المراجعة بحيث تكون أسرع، وبالطبع فعالة فى الوقت ذاته، صحيح أن البروتوكول لا يحدّد زمنًا دقيقًا للمراجعة لكننا نحرص على أن تكون المراجعة قائمة على تقييم دقيق وخلال وقت معقول ومن المهم أن تعلم الجماهير ويعلم المشاهدون أن تقنية الفيديو لا تُستخدم لمراجعة كل شىء بل تقتصر فقط على ٤ حالات محددة وفق البروتوكول وهى البطاقات الحمراء وركلات الجزاء والأهداف وحالات الخطأ فى هوية اللاعب، فأحيانًا يطالب البعض بمراجعة جميع اللقطات لكن هذا غير ممكن، لأن البروتوكول لا يسمح بذلك ولكن فى المستقبل نعمل على تحسين الأداء وعلينا دائمًا تحسين الأداء ولهذا السبب نجتمع مع حكام الفيديو قبل المباريات ونناقشهم ونحلل الحالات بعد المباريات بهدف رفع مستوى الكفاءة داخل غرفة تقنية الفيديو، يجب أن نُدرك أن تقنية الفيديو جاءت لتساعد التحكيم لا ليكون مثاليًا أو معصومًا من الخطأ.

■ هناك مدرستان فى التعامل مع عقوبات الحكام.. فى بعض الدوريات يتم الإعلان عن عقوبات الحكام وفى البعض الآخر تكون غير معلنة، إلى أى مدرسة تنتمى؟ ولماذا؟

– أُقر بأننى لست على دراية كاملة بالتشريعات العمالية فى مصر، وهو أمر أساسى ينبغى معرفته لأن أى عقوبة قد تخلق إشكالًا قانونيًا أو عماليًا، ما نقوم به نحن هو عدم فرض عقوبات مباشرة، بل نتجنّب تعيين الحكم الذى ارتكب خطأ جسيمًا فى مباراة ما ونُبعده عن إدارة المباريات لمرة أو مرتين أو ثلاث حسب الحالة لكننى لا أؤمن بسياسة التشهير أو الإعلان عن العقوبة فنحن نبلغ الحكم بأنه تم استبعاده، أما نشر ذلك على الملأ فهو بمثابة تعريضه للضغط والتجريح هذا لا أوافق عليه، نعم، هناك دول تتبع هذا النهج لكننى لا أتبناه، لأننى لا أريد أن أُحمّل الحكم عبء العقوبة علنًا عندما يُستبعد من المباريات.

■ فى رأيك ما أبرز أسباب غياب حكام «الساحة» المصريين عن كأس العالم ٢٠٢٢؟ وما خطتك لحصول الحكام المصريين على مكانة لائقة فى البطولات العالمية؟

– هذا السؤال ينبغى أن يُوجَّه إلى الاتحاد الإفريقى لكرة القدم (كاف) والاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» لكن الأمر المؤكد هو أننى أُعِدُّ الحكام وسنواصل تأهيلهم وتجهيزهم بما يتماشى مع فلسفة «فيفا» ومتطلبات الاتحاد الإفريقى والذى يبحثون عنه فى الحكام أما اختيار الحكام للمنافسات الدولية، فهى مسؤولية تقع على عاتق هذين الكيانين الكبيرين فى عالم كرة القدم.

مهمتنا هى أن نُعِدّ الحكام ليكونوا على مستوى هذه المتطلبات وبعد ذلك ستكون الكلمة للجنة الحكام فى كاف أو لجنة الحكام فى الفيفا، وفقًا لما يرونه من أهلية وكفاءة ونحن نؤمن بأن القدرات موجودة هنا ونطمح إلى مواصلة التطوير أولاً من أجل كرة القدم المصرية ثم بعد ذلك ستكون الهيئات الدولية هى من تُقيِّم ما إذا كان الحكام المصريون يمتلكون الكفاءة والإمكانات التى تؤهلهم للمشاركة فى المنافسات الدولية.

كرة القدم فى مصر تُعدّ ذات أهمية كبيرة لإفريقيا وللعالم فقد تأهلت منتخباتها إلى نهائيات كأس العالم، كما تأهل المنتخب الأوليمبى وشارك فى آخر الدورات الأولمبية، إضافة إلى ذلك تشارك أندية مصرية كبرى فى بطولة كأس العالم للأندية وكل هذا يتزامن مع ضرورة تطوير التحكيم بشكل موازٍ لهذا التقدّم الكروى، وقد أكد هانى أبو ريدة على أهمية دعم وتطوير التحكيم فى جميع أنحاء مصر من خلال تمكين الحكام الشباب، ورعاية المواهب التحكيمية الصاعدة، وتأسيس جيل جديد من الحكام، يكون مؤهلًا للمستقبل ولهذا، لابد من وجود برنامج شامل ومتكامل لتطوير التحكيم وهو ما قمنا بإعداده وتقديمه إلى اللجنة التنفيذية فى الاتحاد للموافقة عليه والمضى قدمًا فى تنفيذه.

■ ما الذى تود أن تقوله لجماهير كرة القدم المصرية فى نهاية هذا الحوار؟

– نعم، أود أن أستغل هذه الفرصة لتوجيه رسالة إلى الشعب المصرى أن كرة القدم فى الماضى كانت مجرد (خبز وسيرك) لتسلية الناس فقط، أما اليوم فأصبح خبز وكرة قدم، فكلنا نعشق كرة القدم ونتفاعل معها بصدق ونتمنّى أن يكون التحكيم مثاليًا ولكن يجب أن ندرك أن كرة القدم هى لعبة بشرية، فاللاعبون بشر، والمدربون بشر، والإعلاميون بشر وكذلك الحكم بشر وبحكم بشريّته، فإنه قد يخطئ، وهذا أمر طبيعى نعم، نُفرّق بين الخطأ العادى والخطأ الجسيم الذى يؤثر على المباراة لكن علينا أن نُدرك أننا لن نصل إلى تحكيم خالٍ من الأخطاء تمامًا لذلك، نطلب من الجماهير الكرام أن يتفهّموا أن الحكم ليس آلة بل هو إنسان، ومن طبيعة الإنسان أن يُخطئ هدفنا هو التقليل من الأخطاء قدر المستطاع لكن التحكيم المثالى بنسبة ١٠٠٪ غير موجود، كما أود أن أدعو الجماهير، عندما يذهبون إلى الملاعب أن يذهبوا للاستمتاع بكرة القدم لأن كرة القدم تقرّب بين الشعوب وليست وسيلة للعنف بل هى وسيلة للوحدة والاستمتاع بهذا الفن الجميل المُسمّى كرة القدم.

حوار لـ: موقع الاتحاد المصرى لكرة القدم (efa.com)

ذات صلة